حسن عبدالله.. رجل الأوقات الصعبة
أثبتت الأحداث الصعبة على مدار التاريخ، أن أوقات الأزمات تحتاج إلى قيادة رشيدة حكيمة قادرة على صناعة الفارق، حيث تكمن أهمية دور القيادة في مثل هذه الأزمات من خلال استغلال خبرتها المكتسبة على مدار سنوات في إيجاد حلول تتناسب مع المرحلة التي تمر بها البلاد.
لذا كان اختيار حسن عبد الله لقيادة البنك المركزي المصري بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في هذا التوقيت الصعب، اختيارًا «صائبًا»، ليكون حسن عبد الله «رجل الأوقات الصعبة» حيث تمر مصر –شأنها شأن كافة بلدان العالم- بمرحلة شديدة الصعوبة نتيجة الأحداث التي يشهدها العالم من أزمات «صحية وسياسية واقتصادية».
ويتمتع المصرفي المخضرم حسن عبد الله بخبرة تمتد لأكثر من 40 عامًا، تقلد خلالها مناصب قيادية مهمة، وحقق نجاحات متعددة، ومما يشهد على كفاءة المحافظ الجديد، ما حققه من إنجازات خلال توليه قيادة البنك العربي الأفريقي لنحو 20 عامًا، ليضع البنك ضمن قائمة أكبر 5 بنوك في مصر، فضلاً عن أنه كان ضمن الفريق الذي نفذ برنامج الإصلاح المصرفي المصري، مطلع الألفية الحالية.
كما يعد حسن عبدالله أحد كبار رجال البنوك في مصر، إذ بدأت مسيرته المهنية بعد تخرجه مباشرة بالبنك العربي الإفريقي الدولي عام 1982، وما بين غرفة التداول وأسواق العملات والمال، تنقّل المحافظ الجديد لـ«المركزي» في التخصصات داخل البنك العربي الأفريقي، ومع عام 1988 انتقل إلى فرع البنك بمدينة «نيويورك» لإدارة محفظة الخزانة الأمريكية لمدة عام قبل أن يعود مجددًا للقاهرة.
وتمت ترقية «عبدالله» لمنصب مساعد المدير العام بالبنك العربي الإفريقي الدولي في عام 1994، ثم تولى منصب مدير عام البنك في 1999، إلى أن وصل لمنصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في عام 2002.
وكان لحسن عبدالله دورًا بارزًا في البنك العربي الإفريقي، حيث نجح في إدارة عملية دمج بنك مصر أمريكا الدولي بالبنك العربي الإفريقي بعد الاستحواذ على كامل أسهم الأول، في صفقة بلغت قيمتها نحو 240 مليون جنيه تم الإعلان عنها في مايو 2005، لتكون التجربة الأولى من نوعها بين بنوك القطاع الخاص بمصر.
ونجح الدمج في تدعيم حجم البنك العربي الإفريقي وانتشاره بالسوق المصرفية المحلية، وبعد عملية الاستحواذ بـ10 سنوات نجح عبدالله في قيادته للاستحواذ على محفظة بنك «نوفاسكوشيا» الكندي في مصر عام 2015.
وشغل حسن عبدالله، منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية منذ مايو 2021، وكان الرئيس التنفيذي ونائب رئيس مجلس إدارة البنك العربي الإفريقي الدولي لأكثر من 20 عامًا.
كما شغل عبدالله عضوية مجالس إدارات العديد من الهيئات الاقتصادية المهمة وعلى رأسها عضوية مجلس إدارة البنك المركزي، لمدة 8 سنوات، وعضوية مجلس إدارة البورصة المصرية، كما تولى رئاسة مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية والفرنسية بهونج كونج، وهو مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة «وفاء لمصر».
وكان المحافظ الجديد، عضوًا بمجالس إدارات كلٍّ من معهد التمويل الدولي «IIF»، والمجموعة الاستشارية الأفريقية لبورصة لندن «LAAG»، ومجموعة بورصة لندن «LSEG»، والمجلس الاستشاري للأسواق الناشئة، فضلًا عن عضويته في مجالس إدارات كبرى الشركات الاستثمارية.
كما أن محافظ البنك المركزي الجديد كان عضوًا مؤسسًا في المجلس الوطني المصري للتنافسية، ومؤسسًا لجمعية شباب الأعمال ورئيسا لمجلس إدارتها، إضافة إلى كونه عضوًا في مجلس إدارة المعهد المصرفي المصري- الذراع التدريبية للبنك المركزي.
ويتمتع محافظ البنك المركزي بخبرة علمية وأكاديمية واسعة، شملت عضويته في هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية في القاهرة، على مدار 30 عامًا، والمجلس الاستشاري الاستراتيجي بكلية إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية عام 1982، ثم ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة نفسها عام 1992.
ومن المتوقع أن يقود «عبد الله» المرحلة الراهنة بفكر اقتصادي وسياسي منضبط، يحقق التوازن بين كفتين، أحدهما تتمثل في قيادة الاقتصاد للخروج من النفق المظلم وتدبير العملة الصعبة والحفاظ على احتياطي النقد الأجنبي من جهة، وبين عدم اتخاذ قرارات صعبة تلحق ضررًا بالمواطن المصري عبر تحرير سعر العملة دفعة واحدة.
لذا كانت أولى خطوات المحافظ الجديد هي «لم شمل القطاع المصرفي من جديد»، حيث اجتمع المحافظ بقيادات القطاع المصرفي في اجتماع «ودي» في أحد فنادق القاهرة -خارج جدران البنك المركزي- ليتسم الحوار بالمرونة وعرض وجهات النظر والرؤى المختلفة والمشكلات التي يعاني منها القطاع.
وأسفر هذا الاجتماع عن تعيين كلاً من هشام عز العرب رئيس مجلس إدارة البنك التجاري الدولي السابق ومحمد نجيب رئيس بنك الشركة المصرفية العربية «saib» الأسبق، مستشارين لمحافظ البنك المركزي ليكونا عونًا له -بخبرتهما الكبيرة- على اجتياز المرحلة الراهنة.
فيما تمثلت أولى القرارات التي اتخذها المحافظ في زيادة الحد الأقصى اليومي لعمليات السحب النقدي للأفراد والشركات من فروع البنوك من 50 ألف جنيه إلى 150 ألف جنيه، مع الإبقاء على الحد الأقصى اليومي من ماكينات الصراف بواقع 20 ألف جنيه، بالإضافة إلى إلغاء الحدود القصوى لعميات الإيداع للأفراد والشركات بفروع البنوك وماكينات الصراف الآلي.
القرارات التي اتخذها محافظ البنك المركزي الجديد من شأنها أن تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز المعاملات المالية للشركات وأصحاب المشروعات مما ينعكس بشكل إيجابي على حركة الاستثمار من خلال زيادة حركة التشغيل والإنتاجية داخل السوق، وأن يعظم محافظ الودائع بالبنوك من ناحية، وتعزيز ثقافة الشمول المالي من ناحية أخرى.