حسن عبد الله.. رجل الأقدار

قيادة استثنائية من طراز رفيع.. إسمه أصبح ضمن قائمة العظماء في القطاع المصرفي المصري على مدار التاريخ.. ورجل الأقدار الذي أتي في توقيت صعب ليصنع الفارق.. سماته الشخصية تحمل الكثير من الحكمة والبصيرة في التعامل مع الظروف الصعبة.. يتقن صناعة الإنجاز برغبة متأصلة في كسر كافة التحديات.. ويؤمن بالعمل الجماعي الناجح الذي يجمع البارعون القادرون على اتخاذ أصعب القرارات في التوقيت والمكان المناسب.
إنه حسن عبد الله محافظ البنك المركزي المصري، والذي قاد هذه المؤسسة الكبرى في توقيت صعب على كافة المستويات، ليتمكن من تأسيس تجربة استثنائية كان لها بالغ الأثر على مصير الاقتصاد المصري، ويعيد الاتزان المفقود لهذا القطاع الحيوي الذي طالته أمواج عاتية من نقص العملة الصعبة وتداعيات عالمية خطيرة على الاقتصاد المصري وارتفاع مستويات التضخم، وذلك عبر إدارة بارعة للسياسة النقدية نجحت في تحقيق الاستقرار لمؤشرات الاقتصاد المصري وتوحيد سعر الصرف واستعادت الثقة للقطاع محليًا ودوليًا وتعزيز احتياطات الدولة من النقد الأجنبي واقترابه من مستوى 50 مليار دولار.
وقدر برهن ذلك في العديد من الجوائز المحلية والدولية التي حصل عليها حسن عبد الله، وأخرها حصوله هذا الشهر على جائزة مجلة جلوبال فاينانس العالمية لأفضل محافظي البنوك المركزية عالميًا، وتصدره قائمتها السنوية لأفضل محافظي البنوك المركزية حول العالم لعام 2025، في تقرير Central Banker Report Cards 2025، والذي يُقيّم أداء القيادات النقدية في أكثر من 100 دولة.
كان اختيار حسن عبد الله لقيادة البنك المركزي المصري منذ أغسطس 2022 وحتي الان بقرار من الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية في هذا التوقيت الصعب، اختيارًا «صائبًا»، ليكون «رجل الأوقات الصعبة» حيث مرت مصر شأنها شأن كافة بلدان العالم- بمرحلة شديدة الصعوبة نتيجة الأحداث التي يشهدها العالم من أزمات «صحية وسياسية واقتصادية» والتي مازالت تبعاتها مستمرة حتى الان.
يتمتع حسن عبد الله، بخبرة مهنية متميزة ومرموقة، تمتد لأكثر من 42 عامًا، تقلد خلالها العديد من المناصب القيادية المهمة حقق خلالها الكثير من النجاحات، وحقق الرجل، إنجازات قياسية خلال توليه قيادة البنك العربي الأفريقي لنحو 20 عامًا، ليضع البنك ضمن قائمة أكبر 5 بنوك في مصر، فضلاً عن أنه كان ضمن الفريق الذي نفذ برنامج الإصلاح المصرفي المصري، مطلع الألفية الحالية.
كما يعد حسن عبدالله أحد كبار رجال البنوك في مصر، إذ بدأت مسيرته المهنية بعد تخرجه مباشرة بالبنك العربي الإفريقي الدولي عام 1982، وما بين غرفة التداول وأسواق العملات والمال، تنقّل المحافظ الجديد لـ«المركزي» في التخصصات داخل البنك العربي الأفريقي، ومع عام 1988 انتقل إلى فرع البنك بمدينة «نيويورك» لإدارة محفظة الخزانة الأمريكية لمدة عام قبل أن يعود مجددًا للقاهرة.
وتمت ترقية «عبدالله» لمنصب مساعد المدير العام بالبنك العربي الإفريقي الدولي في عام 1994، ثم تولى منصب مدير عام البنك في 1999، إلى أن وصل لمنصب نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب في عام 2002.
وكان لحسن عبدالله دورًا بارزًا في إدارة عملية دمج بنك مصر أمريكا الدولي بالبنك العربي الإفريقي بعد الاستحواذ على كامل أسهم الأول، في صفقة بلغت قيمتها نحو 240 مليون جنيه تم الإعلان عنها في مايو 2005، لتكون التجربة الأولى من نوعها بين بنوك القطاع الخاص بمصر.
ونجح الدمج في تدعيم حجم البنك العربي الإفريقي وانتشاره بالسوق المصرفية المحلية، وبعد عملية الاستحواذ بـ10 سنوات نجح عبدالله في قيادته للاستحواذ على محفظة بنك «نوفاسكوشيا» الكندي في مصر عام 2015.
شغل حسن عبدالله، منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية منذ مايو 2021، كما شغل عبدالله عضوية مجالس إدارات العديد من الهيئات الاقتصادية المهمة وعلى رأسها عضوية مجلس إدارة البنك المركزي، لمدة 8 سنوات، وعضوية مجلس إدارة البورصة المصرية، كما تولى رئاسة مجلس إدارة اتحاد المصارف العربية والفرنسية بهونج كونج، وهو مؤسس ورئيس مجلس أمناء مؤسسة «وفاء لمصر».
وكان محافظ البنك المركزي، عضوًا بمجالس إدارات كلٍّ من معهد التمويل الدولي «IIF»، والمجموعة الاستشارية الأفريقية لبورصة لندن «LAAG»، ومجموعة بورصة لندن «LSEG»، والمجلس الاستشاري للأسواق الناشئة، فضلًا عن عضويته في مجالس إدارات كبرى الشركات الاستثمارية.
كما كان عضوًا مؤسسًا في المجلس الوطني المصري للتنافسية، ومؤسسًا لجمعية شباب الأعمال ورئيسا لمجلس إدارتها، إضافة إلى كونه عضوًا في مجلس إدارة المعهد المصرفي المصري- الذراع التدريبية للبنك المركزي.
ويتمتع محافظ البنك المركزي بخبرة علمية وأكاديمية واسعة، شملت عضويته في هيئة التدريس بالجامعة الأمريكية في القاهرة، على مدار 30 عامًا، والمجلس الاستشاري الاستراتيجي بكلية إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وحاصل على بكالوريوس إدارة الأعمال من الجامعة الأمريكية عام 1982، ثم ماجستير إدارة الأعمال من الجامعة نفسها عام 1992.
ومن المتوقع أن يقود «عبد الله» المرحلة الراهنة بفكر اقتصادي وسياسي منضبط، حيث ينصب تركيزه على الحفاظ على مرونة سعر الصرف وتطوير أسواق صرف أجنبية أكثر عمقًا وسيولة لتعزيز المرونة الاقتصادية.
ووفقا لأحدث تصريحات المحافظ، فإن البنك المركزي يمكنه مواصلة تخفيف سياسته النقدية باستخدام النهج القائم على البيانات، وذلك مع تراجع التضخم، وترسيخ التوقعات، واستعادة الثقة.
وأضاف: كما نركز على تطوير أسواق مالية قوية، وتوسيع أدوات الدين والأسهم المحلية، وتوسيع نطاق الأدوات المالية، وتحسين البنية التحتية. وبالتوازي مع ذلك، نضمن بقاء قطاعنا المالي سليمًا، وتدفق الائتمان بكفاءة إلى الاقتصاد الحقيقي، وخاصةً نحو القطاع الخاص.