مصدرك الأول في عالم البنوك

محافظ البنك المركزي : توحيد سعر الصرف في 2024 نقطة تحول في الاقتصاد المصري

نستهدف توفير سوق صرف أجنبي موثوقة تتسم بالسيولة .. والشفافية والوضوح من أهم ما نقدمه

 

 

 

قال حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري  إن توحيد سعر الصرف شكّل نقطة تحول في الاقتصاد المصري كانت خطوة جريئة لكنها ضرورية.

جاء ذلك في حوار مع مجلة Global Finance ردا على سؤال عن قرار تحرير سعر صرف الجنيه في مارس 2024،

 

وكشف حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، عن جهود البنك المركزي لضمان الاستقرار الاقتصادي واحتواء التضخم والخطوات المستقبلية للبنك المركزي.

 

ورداً على سؤال عن التحديات الاقتصادية الرئيسية التي واجهت العالم خلال العامين الماضيين، قال حسن عبد الله: على الصعيد الدولي، واجهنا ارتفاعًا غير مسبوق في أسعار السلع العالمية، مما ضغط على الأسعار المحلية وصعّب الأوضاع المالية.

 

في الوقت نفسه، رفعت البنوك المركزية الكبرى أسعار الفائدة بأكثر من 500 نقطة أساس، مما أدى إلى هروب رؤوس الأموال من الأسواق الناشئة.

 

وزاد من ذلك تصاعد التوترات الجيوسياسية. أدت هجمات البحر الأحمر إلى انخفاض كبير في إيرادات قناة السويس، مما زاد من الضغط على مصادر العملات الأجنبية.

 

وعلى الصعيد المحلي، قال محافظ البنك المركزي، إن التضخم ارتفع إلى أعلى مستوياته في عقود، ليتجاوز 35% في عام 2023 مدفوعًا بانخفاض قيمة العملة وتضخم السلع المستوردة.

 

كما تعرضت العملة نفسها لضغوط. أدت التخفيضات المتتالية لقيمة الجنيه بين عامي 2022 و2024 إلى تقلبات في أسعار الصرف، وتقييد الواردات، وعرقلة للقطاع الصناعي.

 

وأضاف أن عدم اليقين بشأن السياسات وتأخر الإصلاحات الهيكلية أدى إلى مزيد من التأثير على الثقة.

 

وكان على البنك المركزي أن يتخذ إجراءً. وللحد من التضخم، اتبعنا سياسة نقدية متشددة، فرفعنا أسعار الفائدة بمقدار 1900 نقطة أساس تراكمية بين عامي 2022 و2024.

 

وفي مارس 2024، أعاد توحيد سعر الصرف الشفافية التي تشتد الحاجة إليها في سوق الصرف الأجنبي، مما أعاد توجيه الموارد إلى النظام الرسمي.

 

ومثّل سعر الصرف المرن أداةً لامتصاص الصدمات، مما مكّن من التكيف الفوري مع الضغوط الخارجية في بيئة متقلبة.

 

وأضفت هذه الخطوة وضوحًا على سوق الصرف الأجنبي، وأزالت التشوهات، وسدّدت متأخرات الاستيراد، وسمحت بتخصيص أكثر كفاءة للعملة الأجنبية، واستعادت الثقة محليًا ودوليًا.

 

وأكد أن الآثار كانت فورية، لكن بحلول منتصف عام 2024، بدأنا نجني ثمار إجراءاتنا.

 

انخفض التضخم إلى 25.7%، وإلى 12% بحلول أغسطس 2025، مما أتاح لنا فرصةً لبدء دورتنا، وخفض أسعار الفائدة بمقدار 525 نقطة أساس تراكمية منذ أبريل 2025، دون المساس بالاستقرار المالي.

 

وظلت البنوك قادرة على الصمود، ووصلت الاحتياطيات الدولية إلى مستويات قياسية، مدعومة بتدفقات جديدة طويلة الأجل والتزامات استثمارية واسعة النطاق، مما أدى إلى تحسين كمية ونوعية الاحتياطيات الخارجية.

 

وأشار إلى أن هذه التدفقات ساهمت في تضييق عجز الحساب الجاري إلى 13.2 مليار دولار أمريكي في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية 2024/2025، بانخفاض عن 17.1 مليار دولار أمريكي في العام السابق.

 

ويعزى ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج، وهي أحد أكبر مصادر النقد الأجنبي في مصر، حيث ارتفعت بنسبة 82% لتصل إلى 26.4 مليار دولار أمريكي خلال الفترة نفسها.

 

واستؤنفت المشاركة الأجنبية في أسواق الدين المحلية مع تراجع التضخم وتحول أسعار الفائدة الحقيقية إلى إيجابية، مما عزز السيولة الخارجية وثقة المستثمرين.

 

وبلغ صافي الاحتياطيات الدولية مستوى قياسيًا بلغ 49.25 مليار دولار أمريكي، يغطي 6.5 شهر من الواردات.

 

وأكد محافظ البنك المركزي أن التركيز ينصب على الحفاظ على مرونة سعر الصرف وتطوير أسواق صرف أجنبية أكثر عمقًا وسيولة لتعزيز المرونة الاقتصادية.

 

ومع تراجع التضخم، وترسيخ التوقعات، واستعادة الثقة، يمكننا مواصلة تخفيف سياستنا النقدية باستخدام نهجنا القائم على البيانات.

 

وحول يُقييمه لأداء البنوك المصرية، وما هي توقعاته المستقبلية، قال حسن عبد الله: يتمتع القطاع المصرفي المصري بالقوة والمرونة.

 

في يونيو 2025، بلغت نسبة كفاية رأس المال 18.6%، ونسبة حقوق الملكية الأساسية (CET1) 13.2%، ونسبة الرافعة المالية 7.6%، وهي نسبة أعلى بكثير من الحد الأدنى التنظيمي.

 

وبلغت نسبة القروض المتعثرة 2.1%، مع تكوين مخصصات بنسبة 90%، مما يعكس إدارة مخاطر متحفظة واستباقية. ك

 

ما أن الربحية قوية، حيث بلغ العائد على حقوق الملكية 39% والعائد على الأصول 2.6%. وتتجاوز مقاييس السيولة، بما في ذلك صافي التمويل المستقر ونسب تغطية السيولة، الحدود التنظيمية بشكل مريح، مما يُظهر قدرة القطاع على امتصاص الصدمات.

 

وبالنظر إلى المستقبل، تبدو التوقعات إيجابية. وصل الشمول المالي إلى 75% في عام 2024، مدفوعًا باستراتيجيات وطنية تستهدف النساء والشباب ورواد الأعمال والفئات الأقل حظًا.

 

ويؤدي التحول الرقمي – من الخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول والمحافظ الرقمية إلى البنوك الرقمية – إلى توسيع نطاق الوصول وتحسين الكفاءة وخفض تكاليف المعاملات.

 

وعن دور البنك المركزي المصري في دعم الجهود المبذولة لجعل مصر أكثر جاذبية للمستثمرين، قال حسن عبد الله: نهدف إلى ضمان الاستقرار الاقتصادي – واحتواء التضخم وتوفير سوق صرف أجنبي موثوقة تتسم بالسيولة والشفافية. أعتقد أن الوضوح من أهم ما نقدمه كبنك مركزي.

 

فالتواصل الواضح بشأن قرارات السياسة أمرٌ أساسي لبناء ثقة المستثمرين، لا سيما في ظل بيئة عالمية متقلبة.

 

وأضاف: كما نركز على تطوير أسواق مالية قوية، وتوسيع أدوات الدين والأسهم المحلية، وتوسيع نطاق الأدوات المالية، وتحسين البنية التحتية. وبالتوازي مع ذلك، نضمن بقاء قطاعنا المالي سليمًا، وتدفق الائتمان بكفاءة إلى الاقتصاد الحقيقي، وخاصةً نحو القطاع الخاص.

 

وتابع: من العناصر الرئيسية الأخرى مرونة مركزنا الخارجي. فقد نجحت مصر مؤخرًا في تأمين تدفقات مالية كبيرة طويلة الأجل من خلال شراكات استراتيجية والتزامات استثمارية واسعة النطاق.

 

ومع وجود مشاريع جديدة قيد الإعداد، من المتوقع أن يستمر هذا التوجه. وتلعب المبادرات الحكومية الأوسع نطاقًا، مثل برنامج الخصخصة وبيع أصول الدولة، دورًا مكملًا من منظور نقدي، وتوفر فرصًا استثمارية.

 

ونظرة للمستقبل، قال عبد الله: نعمل أيضًا على مواءمة مهمتنا بشكل متزايد مع محاور استراتيجية تتراوح بين التمويل المرتبط بالحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، والتحول الأخضر، وأنظمة التمويل الرقمي.

 

ورداً على سؤال حول رؤيته للابتكار المالي، قال حسن عبد الله: لقد اتخذنا بالفعل عدة خطوات ملموسة لتعزيز التقنيات الجديدة. في مجال المدفوعات،

 

كان إطلاق شبكة الدفع الفوري المصرية (IPN) من خلال InstaPay إنجازًا كبيرًا، حيث تخدم حاليًا أكثر من 12.7 مليون مواطن. كما نعمل على تحديث التحويلات عبر الحدود لجعل التحويلات المالية أسرع وأقل تكلفة.

 

وأصدر البنك المركزي المصري لوائح ترخيص البنوك الرقمية في يوليو 2023، ومنح ترخيصًا لأول بنك رقمي في البلاد في عام 2025. ويُحسّن الإقراض الرقمي عبر التقييم السلوكي والبيانات البديلة من خلال شركة الائتمان المصرية (I-Score) الوصول إلى الخدمات للشرائح الأقل حظًا،

 

بينما تُمكّن حلول eKYC مع المصادقة البيومترية من تقديم خدمات مصرفية رقمية آمنة لجميع المواطنين. وبالنظر إلى المستقبل، نعمل على تطوير استراتيجية مخصصة للذكاء الاصطناعي للقطاع المصرفي.

 

وأكد محافظ البنك المركزي أن نمو التكنولوجيا المالية يحظى بدعم أكبر من مبادرات مثل صندوق Nclude بقيمة 150 مليون دولار أمريكي – وهو أكبر صندوق للتكنولوجيا المالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – وFinYology، الذي يُشرك أكثر من 30 جامعة في مشاريع التكنولوجيا المالية.

 

وأضاف أن البنك المركزي المصري يعمل على تحديث أنظمة الخدمات المصرفية الأساسية والخزانة، وتطوير منصة بيانات موحدة لإشراف أسرع وأكثر دقة، وبناء مركز بيانات Tier 4 جاهز للذكاء الاصطناعي.

 

مؤكداً أن هذه المبادرات ستُحدث تغييرًا جذريًا في طريقة العمل، مما يُمثل خطوة كبيرة إلى الأمام في رحلتنا نحو التحول الرقمي.