«مصرفيون» يرصدون مبررات رفع أسعار الفائدة وتداعياتها على الاقتصاد المصري
فاجأ البنك المركزي المصري، مجتمع الأعمال يوم الخميس الماضي، برفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، مخالفًا جميع التوقعات التي رجحت أن التثبيت هو المسار الأقرب لتوجهات لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي خلال الفترة الحالية.
وقامت لجنة السياسات النقدية في الثالث من أغسطس 2023، برفع سعر الفائدة بواقع 100 نقطة أساس (1%) ليصل إلى 19.25%، 20.25% على الإيداع والإقراض، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 100 نقطة أساس ليصل إلى 19.75%.
وبرر البنك المركزى رفع الفائدة، بأن أسعار العائد الرئيسية ستظل عند مستوياتها المرتفعة نتيجة استمرار المعدلات العالمية للتضخم عند مستويات أعلى من تلك المستهدفة، وهو ما يتسق مع تقييد الأوضاع المالية العالمية بشكل عام، بينما على الصعيد المحلى، ظل معدل نمو النشاط الاقتصادى الحقيقى دون تغيير مسجلاً 3.9% خلال الربع الأول من عام 2023 مقارنة بالربع الرابع من عام 2022.
واستطلعت «وينرز» أراء مجموعة من المصرفيين حول مبررات البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه الأخير، مؤكدين على أن ارتفاع أسعار السلع المتوقع عالميًا.
وقال الدكتور عز الدين حسانين الخبير المصرفي، إن لجنة السياسات النقدية اتخذت قرارها برفع الفائدة بناءً على عدة مبررات تمثلت في توقعات ارتفاع معدلات الأسعار العالمية المتعلقة بالحبوب خلال الشهور المقبلة على أثر تداعيات خروج روسيا من مبادرة الحبوب وتدمير ميناء أوديسا الأوكراني المسؤول عن تصدير الحبوب من أوكرانيا للعالم من خلال البحر الأسود.
واعتبر «حسانين» أن هذه الأزمة ستضاعف من مشاكل توافر الحبوب بسهولة وتدفقاتها للعالم، خاصة وأن اتفاقية الحبوب ساهمت بحوالي 33 مليون طن من الحبوب خلال سريان المبادرة.
وأكد أن انسحاب روسيا من المبادرة سيحرم العديد من دول العالم من توافر الغذاء من الحبوب وبالتالي سيكون المعروض الكلي منها أقل من الطلب الكلي مما يدفع أسعارها إلى الارتفاع، مما قد يسبب ضغوط تضخمية إضافية لدول العالم غير المنتجة للحبوب أو تلك التي ليس لديها اكتفاء ذاتي، مع توقع ارتفاع أسعار الطاقة أيضًا خلال الأشهر القادمة مع دخول فصل الشتاء ونقص إمدادات الغاز والطاقة من أوكرانيا وروسيا، مما يساهم في ارتفاع اسعار المحروقات عالميا.
وأشار الخبير المصرفي إلى أن مصر ستتأثر أيضا بهذه الموجات التضخمية خلال الفترة المقبلة مما دفع البنك المركزي إلى رفع سعر الفائدة من أجل تقليل الاستهلاك المحلي وامتصاص السيولة التي ستنشأ مع دفع الفوائد المتعلقة بشهادات الادخار المطروحة حاليًا من بنكي مصر والعربي الأفريقي.
وبحسب «حسانين» فإن رفع سعر الفائدة سيكون له تداعيات سلبية على حركة الاستثمار المحلي وارتفاع تكاليف التمويل الجديد من البنوك مما قد يجعل المستثمرين يعزفون عن طلب الائتمان وهذا بالنسبة للشركات التي لا تخضع لمبادرات وزارة المالية بعائد 11%، بالإضافة إلى ارتفاع تكلفه الديون الحالية مما يتسبب في ارتفاع تكلفة السلع والخدمات ويتسبب في تعميق مشكلة التضخم.
وذكر أن رفع سعر الفائدة سيؤدي الى ارتفاع ديون القطاع العائلي بمقدار إضافي 1% مما يساهم في تذبذب صافي الدخل المتاح للأفراد للإنفاق على السلع والخدمات مما سيسرع في انخفاض الاستهلاك المحلي والدخول في ركود تضخمي.
ونوه إلى ارتفاع عبء الديون على الموازنة العامة للدولة فتتكبد الموازنة العامة عجزًا إضافيًا وأيضًا التأثير السلبي على البورصة والدخول في مرحلة ركود اقتصادي.
وفي المقابل عدد الخبير المصرفي الآثار الإيجابية لرفع سعر الفائده ممثلة في زياده أرباح البنوك كنتيجة مباشرة لارتفاع صافي العائد من الهامش وهو الفرق بين الفوائد المحصلة مطروحا منها الفوائد المدفوعة حيث ستزيد الفوائد المحصلة من القروض مع فرضية ثبات تكلفة الفوائد للبنوك التي ستستمر بدون إصدار أي أوعية إدخارية جديدة.
وأضاف أن التأثيرات الإيجابية تتضمن زيادة أرباح البنوك على الودائع الموجودة لدى البنك المركزي، حيث ستحصل البنوك على فائدة 19.25 بدلاً من 18.25% .
وسيعزز رفع سعر الفائدة زيادة الأرباح على عائدات أذون الخزانة التي ستصدر خلال الفترة المقبلة مع إمكانية جذب استثمارات أجنبية غير مباشرة في أدوات الدين الحكومية بالإضافة إلى التاثير نسبيًا في سحب السيولة من السوق، وفقًا لحسانين.
ومن جانبه رجح الدكتور هانى جنينة، المحلل الاقتصادى والمحاضر فى الجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن رفع سعر الفائدة يتواكب مع مستهدفات التضخم، متوقعًا أن يكون هناك تحريك فى أسعار الصرف والمحروقات وأسعار الكهرباء خلال الفترة المقبلة.
ولفت جنينة، إلى أن قرار رفع الفائدة يأتي بسبب حاجة مصر لجذب أموال ساخنة من الخارج، مشيرا إلى أن السيولة تتباطأ على كل المستويات لكنها مازالت أعلى من المطلوب لكى نصل إلى مستهدفات التضخم عند 7% بزيادة أو نقصان 2%.